إطعام الطعام .. ودخول الجنة
بقلم الشيخ : محمد جابر كامل السيد إمام وخطيب بأوقاف المنيا
قال تعالي: "ويطعمون الطعام علي حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا" [الإنسان: 8 9]
فإطعام الطعام لوجه الله تعالي قربي وسبب لنيل الفضائل. به تتآلف القلوب
وتصفو من الكدر. وبه تنزل الرحمة علي المجتمع كله. ويبذل الطعام للغني
والفقير. والصغير والكبير. والقريب والبعيد. ... وإن كان الفقير أولي به
لسد جوعته. ولعظم هذا العمل ومكانته في حياة الجماعة المسلمة نجد أن هناك
تشريعات إسلامية كثيرة داعية إلي إطعام الطعام.
من ذلك: سنَّ النبي -صلي الله عليه وسلم- للمسلم أن يطعم ويفطر أخاه الصائم
فقال صلي الله عليه وسلم: "مَنْ فطر صائماً كان له مثل أجره". وفرض النبي
-صلي الله عليه وسلم- زكاة الفطر علي كل مسلم.. طهرة للصائم من اللغو
والرفث وطعمة للفقير والمسكين. وإذا ما يسر الله للشباب واستطاعوا الباءة
أوجب الإسلام علي من تزوج أن يولم وليمة يدعو إليها الفقراء والأغنياء
إظهاراً للنعمة وإشاعة للزواج وإكراما للمرأة وأوليائها فيقول النبي -صلي
الله عليه وسلم- لعبدالرحمن بن عوف: أولم ولو بشاة. وأولم هو صلي الله عليه
وسلم باللحم وبغيره وإذا ما أتم الله النعمة علي العبد ورزقه ولدا "الذكر
والأنثي" سن له الحبيب صلي الله عليه وسلم- أن يذبح عقيقة ويدعي إليها
الأهل والأحباب والفقراء شكراً لله علي النعمة وتوسعة علي الفقراء. فقال
صلي الله عليه وسلم: "كل غلام مرتهن بعقيقته..". وعقّ عن الحسن والحسين
بكبشين عظيمين.
وإذا مرت الأيام والشهور وجاءت أشهر الحج ندبنا الإسلام إلي الأضحية فسن
النبي صلي الله عليه وسلم إراقة الدماء وذبح الأضحية تنفيذا لأمر الله "فصل
لربك وانحر" [الكوثر:2]. ولقوله صلي الله عليه وسلم: "مَنْ وجد سَعَة ولم
يضح فلا يقربن مصلانا". وتوزع الأضحية أثلاثا: ثلث لأهل البيت. وثلث
لأقاربه وأصحابه. وثلث للفقراء والمساكين.
وإذا حلف علي يمين ورأي غيرها خيراً منها أو حنث في يمينه أو نذر نذراً لا
يطيقه. أو نذر شيئاً حراماً أوجب الإسلام عليه كفارة وهي: "إطعام عشرة
مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم" [المائدة: 89]
وإذا ما ظاهر زوجته فقال لها أنت عليَّ كظهر أمي أو أختي أو أحد من المحارم
فكفارة الظهار ".. فإطعام ستين مسكينا" [المجادلة:4]. وإذا وقع علي امرأته
وجامعها في نهار رمضان وجب عليه القضاء والكفارة وهي "إطعام ستين مسكينا".
وإطعام الطعام دعا إليه الإسلام وشرع من التشريعات روافد لهذا الخلق الحسن
وهو سبب لدخول الجنة فعن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن
رجلا سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: أي الإسلام خير؟ قال: إطعام
الطعام. وإفشاء السلام علي مَنْ عرفت ومَنْ لم تعرف". وسأل أبوهريرة النبي
-صلي الله عليه وسلم- فقال: دلني علي عَمَل إذا عملته دخلت الجنة. فقال
-صلي الله عليه وسلم-: "أطعم الطعام. وأفش السلام. وصل الأرحام. وصل بالليل
والناس نيام. تدخل الجنة بسلام. وفي الجنة غرف يري ظاهرها من باطنها.
وباطنها من ظاهرها أعدت لمن أطعم الطعام".
وأختم مقالي هذا بخير الهدي هدي النبي محمد صلي الله عليه وسلم الذي قال:
"أيما مؤمن أطعم مؤمنا علي جوع أطعمه الله ثمار الجنة. ومَنْ سقي مؤمنا علي
ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم". وفق الله الأمة لإطعام الطعام. وإفشاء
السلام. وصلة الأرحام. والصلاة بالليل والناس نيام لتدخل دار السلام بسلام
إنه ولي ذلك والقادر عليه. ولا حول ولا قوة إلا بالله.